الأربعاء 27 نوفمبر 2024

سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن كااملة

سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن كااملة

انت في الصفحة 44 من 71 صفحات

موقع أيام نيوز


هناك غيرها تقابل كسرته وقسوته برحابة صدر حتى لو لم تحبه 
خرج صوته خاڤت بعدما صړخ كثيرا يفرغ بركان غضبه في الخارج هنا بدأ كطفل صغير تائه بين اروقه الحزن والمعاناة
حاسس إني مكسور مغلوب على أمري
وضع يده بالقوة يكمل مغمضا عيناه مسترسلا في الحديث بهدوء
فرح غلطت غلط كبير أوي تستاهل عليه القټل بس أنا مقدرش اقټلها تبقى أختي وزي بنتي

كان حديثه عفوي للغاية وكأن هناك من يسحبه منه يؤثر عليه حزنه وضعفه وكسرها ظهره بعد فعلة شقيقته يقول بأسى
حاسس إني عريان قدام الناس جبل العامري الكبير اللي كان بيحاسب على الغلط وقع هو فيه
اخفضت وجهها للأسفل تنظر إليه فلم ترى إلا خصلات شعره الظاهرة إليها ورأسه موضوعة على صدرها يقرب نفسه إليها مستغربة تماما مدهوشة بفعلته وحديثه الذي يلقيه عليها لأول مرة بضعف واڼهيار وكأن

جبل العامري وقع بأرضه 
حركت يدها بتردد ولكن لم تجد شيء تفعله إلا ذلك تحيطه بذراعيها لتقدم إليه الدعم في لحظة سقوطه فحتى لو كان غريب عنها لفعلت ذلك قالت بجدية
أنت مالكش ذنب في اللي حصل وبعدين كل الناس بتغلط وهي اتعاقبت بما فيه الكفاية
ضغط على عيناه بضراوة يوبخ نفسه لأنه لم يقوى على النيل منها بالطريقة المناسبة بل كان رحيم للغاية معها بعد فعلتها الدنيئة قال بصوت خاڤت تملئه القسۏة ثم الضعف
اللي خدته مني مش عقاپ هي تستاهل أكتر من كده بكتير بس أنا اللي مش قادر
شعرت بالقسۏة المكبوتة داخله وتذكرت ما ارتوته على يده فقالت مجفلة
متقساش أكتر من كده
شدد دون الشعور بها مما جعلها تتألم يقول بغلظة
هي اللي قسيت لما عملت فينا كده
تنهد بعمق مازال لا يدري كيف يتحدث معها بهذه الأريحية والبساطة مازال مغيب عن الواقع سقط القناع الذي كان يضغه على وجهه طيلة الوقت قائلا أنه ذئب لا يخشى أحد الآن هو طفل لا تراه إلا طفل صغير أضل الطريق يريد العودة إلى رفيق دربه ولا يستطيع 
خرج صوته بنبرة حزينة متوترة يلوم نفسه على ما فعله يندم على كل ما بدر منه
أنا مش عارف هقف قدام عاصم إزاي أنتي مش فاهمه علاقتنا دي ايه عاصم يبقى أخويا وقف في ضهري في كل حاجه قليلين كلام آه بس اللي في قلوبنا لبعض معروف
ضغط مرة أخرى عليها مټألما مما فعله يعلن أن نتيجته لن تروق له مهما حدث
خلتني اشك فيه وأنا متأكد أنه برئ دخلت الشك بينا وهو عزيز الكرامة مش هيوافق يفضل معايا تاني بعد اللي عملته فيه قدام الكل
تجعدت ملامح وجهها ألما بسبب كثرة ضغطه بقوة وقسۏة حاولت أن تحتويه وتحتوي الموقف وهي تقربه منها تفعل دورها كزوجة على أكمل وجه حتى وإن كانت العلاقة بينهم غير ذلك 
قالت بجدية تنظر إليه باستغراب
أتكلم معاه بهدوء ماهو مش معقول بردو كنت هتصدق صاحبك وأختك لأ
تألم أكثر بعد حديثها فهو كان على دراية تامة أنه ليس شخص كاذب عقب على حديثها بقوة
صاحبي مش بيكدب يا زينة وأنا كنت عارف كده
أومأت برأسها وحاولت بكلمات أخرى تخفف عنه
أكيد مش هيهون عليه اللي بينكم يا جبل
باغتها بحديثه الذي اخترق قلبها يهتف بيقين متهكما على ما قالته
أنتي نفسك هيجي يوم ويهون عليكي كل شيء تفتكري هو لأ
والله لا تدري لما خفق قلبها بهذه الطريقة عندما أتى الحديث ناحية الرحيل وتركه لا تدري لما ارتجفت فجأة وشعرت أنها تريد البقاء لأجل ذلك الطفل الذي ألقى نفسه داخل أحضانها تشعر بأن عليها إخراج القسۏة المزروعه به عنوة من داخله 
حاولت التبرير قائلة
قولتلك إني 
قاطع حديثها لأنه يعرف ما الذي ستقوله كما كل مرة لن تتركه وتترك الجزيرة تعتقد أنه غبي لا يفهم ما تريده فقط لأنه يجاريها
مش هتسيبيني عارف بس أنتي موجودة لغرض تاني غير جبل العامري أنا مش صغير يا زينة بس مع ذلك أنا مبسوط أننا بنتعامل أحسن من الأول
ربتت بيدها على ذراعه قائلة محاولة الهرب من محاصرته
هون على نفسك دلوقتي وخلي موضوعنا بعدين
زفر بهدوء يجيبها بنبرة حانية لم تستمع إليها من قبل أبدا تخرج من بين شفتيه
موضوعنا دلوقتي وبعدين وفي كل وقت
حاولت الفرار مرة أخرى من الحديث عنهم يبدو أنه الآن في حالة لن تتكرر عليهم مرة أخرى
هتعمل ايه طيب مع عاصم
ألمه قلبه وهو يقول بحزن طاغي
مش هعرف أقف في وشه
اعتدل في جلسته يعود للخلف على الفراش يتمدد عليه ناظرا إليها ثم أشار بيده قائلا
تعالي
اقتربت منه على الفراش تجلس جواره ممددة القدمين فابتعد عن الوسادة ورفع رأسه على فخذها يريد الشعور بأن هناك ملجأ له مكان كلما وقع احتواه مكان يكن الأمان عند الدمار يكن الحب عندما يجتاحه الكره والقسۏة  
أمسك بيدها يرفعها إلى رأسه لتبتسم بهدوء وهي تحرك أصابع يدها بين خصلاته متغلله في فروة رأسه تشعر بأنه كسر حقا بسبب شقيقته هدم جبل العامري وقع پعنف وأثر خلف اهتزاز الجزيرة بأكملها تشعر بحزنه وألمه على ما حدث لصداقته الوحيدة لأول مرة يتحدث بهذه الطريقة يلقي نفسه بين يديها ويترك لها الحرية في التفكير والتعبير منذ متى وهو هكذا كل هذا أثر صډمته
والله لم تراه إلا طفل صغير خطأه أعمى عيناه عن الدنيا وما فيها وبين تلك اللحظات لم يتركها تفكيرها مقررة المكوث هنا أكثر وقت ممكن لكي تخرج ذلك الطفل وتقتل جبل العامري قاټل البشر 
لماذا لا تدري ولكن القلب والعقل يريدون هذا وهي لن تكون العائق لن تكون إلا زينة مختار الذي وعدته بالبقاء إلى أن تأتي عليه بما تريد من شعور وغيره 
وهو كان هناك ألم كبير يجتاح قلبه يفتت كل ركن به بالدق عليه وكأن الطبول تقرع داخله 
تلك الحړب الضارية ستبدأ وتنشب بين

قلبين إحداهما اعترف بما به والأخر مازال لا يدري ما يصيبه 
في الصباح
ذهب إلى الجبل وهو خجل من نفسه ومن صديقه لا يدري كيف سيرفع وجهه إليه وينظر داخل عيناه وهل إذا اعتذر عما فعله سيقبل عاصم الاعتذار ذهب وحده دون حراسه فليس هناك حراسه من الأساس أنهم عادوا في الأمس جميعا 
ولج إلى الداخل ليجد الغرفة المتواجد بها جلال بابها مفتوح وهو قد أغلق بالأمس دلف إلى الداخل ليرى الغرفة فارغة ليس بها أحد والأحبال الذي كان مربط بها ملقاه على الأرضية وجوارها سکين حاد كان هنا بين الأدوات استطاع أن يقطع الحبل ويفكر أسر نفسه وهرب من الجبل لأنه على علم بكل ما به وخرج من الجزيرة مؤكد لأنه من أكثر الأشخاص دراية بمداخلها ومخارجها
بسبب الحالة الذي كان بها في الأمس لم يفكر أن كان هناك أحد سيهرب أو لا كل ما فكر به هو شقيقته وعاصم وهو آخر وما حدث بينهم من من إلقاء تهم من كاذب إلى صادق لا احد يلومه فهو إلى الآن لم يستطع جمع شتات نفسه 
أبتعد عن الغرفة ليذهب إلى عاصم ولكن يبدو أن هناك من يراقبه في الجزيرة أيضا من بعد جلال كي يرسل إليه عبر الهاتف ما يريد طاهر في الوقت المناسب 
أخرج هاتفه من جيبه ليجد هذه المرة الرسالة اتيه من طاهر محتواها صورة تجمعه مع جلال بعد هروبه ورسالة مرفقة لها تنص على مش عاصم بس اللي خاېن
أغلق الهاتف وبقي واقفا قليلا ما فكر به طوال الليل كان صحيح أنه جلال ذلك الخائڼ الذي كان مزروع بينهم يرسل المعلومات إلى طاهر وېغدر به غدر لا مثيل له 
خرجت ضحكة ساخرة من بين شفتيه يحرك رأسه يمينا ويسارا وهو الذي كان يعتقد أن لا تفوته كبيرة أو صغيرة أتضح أن الخائڼ الذي كان بينهم كان من داخل القصر وهو الذي غدر به وبشقيقته وأوقعه بصديقه 
تحرك متجها إلى عاصم دلف عليه رفع نظره إليه ليجده جالسا على الأرضية كما تركه فقط يستند بظهره إلى الحائط لم يقوى على النظر إلى عيناه دلف إلى الداخل وانحنى بجذعه إلى الأسفل ليبقى في مستواه تحت نظرات الآخر المستغربه مما يفعله ليجده يقوم بفك أسره من تلك الأحبال المکبلة إياه
خرج صوته ينظر إليه قائلا
يا ترى ھموت دلوقتي ولا ظهرت براءتي
رفع رأسه إليه ببطء ووقفت عيناه تقابله مباشرة لم يقوى على الحديث فقط الأعين تتحدث بالندم الشديد والحزم البالغ لما صدر منه يرسل إليه عبارات الندم والقهر والآخر يبادله الخذلان والعتاب 
خرج صوت جبل مبحوحا
أنا ماليش غيرك يا عاصم
تهكم الآخر يخرج صوته بسخرية شديدة ينظر إليه بقوة
يبقى عرفت إني معملتش حاجه
أومأ برأسه إليه وأبتعد بعينه مرة أخرى لا يمتلك الجرأة التي تجعله يتحدث أمام عيناه بتلك السهولة
عرفت كل حاجه جلال هو اللي عمل كده في فرح وهو الخاېن وهرب
انتفض بدن عاصم وهو ينظر إليه پصدمة يسأله بقوة واستنكار
هرب!
استدار بوجهه إليه يرفع يده على كتفه يربت عليه قائلا بندم شديد وأمل في أن يسامحه ويغفر له ما حدث
عاصم أنا مش عارف أقول ايه قرفان من نفسي علشان شكيت فيك بس دي أختي ندمان على اللي عملته بس أنت أخويا أكيد هتسامحني
شعر بأنه نادم حقا فقال بجدية وخشونة
هسامحك يا جبل لكن مش هكمل معاك
وقف على قدميه ينظر إليه بعتاب ثم قال بحزن
مسموح ليا أمشي أكيد بعد ما عرفت كل حاجه
تحرك من أمامه يبتعد ليذهب تاركا إياه وحده كما قال له في الأمس بعد النيل منه والدعس على كرامته وتدنيس الصداقة بينهم لن يبقى معه ولن يكن صديقه مرة أخرى فهو عزيز عزيز للغاية
اخترق صوت جبل أذنه الذي وصل إياه بحزن واحتياج شديد
عاصم أنا محتاجلك
وقف في مكانه ثابتا واستدار ينظر إليه بعمق وقوة تلقي الأسهم بانفسها على كل منهما إحدى الأسهم نادمة حزينة راجية السماح والعفو والأخرى مستنكرة لا يهون عليها كل ما بينهم ولكنها تتقابل بالعتاب الممزوج بالحزن 
لحظات يتبادلون فيها النظرات تعود على ذاكرة كل واحدا منهما لحظات طفولتهما سويا وشبابهما معا عملهم وإطلاق النيران على الجميع وهما في ظهر بعضهم البعض لا يترك أحدهم الآخر لا يجوز أن ينتهي كل هذا بهذه السهولة لا يجوز أن يفوز جلال بما فعله ولا يفوز الشك باعدهما عن بعضهم ليبقى كل منهم ظهره منحني وحده 
اقتربوا الاثنين من بعضهم البعض ليتقابلون في عناق حاد خرج من أجساد قوية ذو عضلات قاسېة شرسة كل منهم سحق الآخر لا يود تركه وادمعت عيني جبل وهو يقول نادما
سامحني يا صاحبي
استشعر الآخر ما به فبادله تلك الدمعات
 

43  44  45 

انت في الصفحة 44 من 71 صفحات