الأربعاء 27 نوفمبر 2024

صفاء

انت في الصفحة 54 من 82 صفحات

موقع أيام نيوز


في لهجتها خاصة عندما واصلت على نفس النهج
مهاب مش هيعدي الحكاية دي على خير وجايز يقلب عليا وأنا مش عاوزة عداوة معاه 
احتضن جانب وجهها بيده وأكد لها في ثقة تامة
متقلقيش هو مايقدرش يقولي لأ في أي حاجة 
بدت غير مقتنعة بما يقول فاستمرت في التشديد على صدق نواياه
وبعدين أنا برجعلك كرامتك واحدة زي دي مالهاش مكان هنا 

عكس وجهها الشاحب قلقها الزائد من تطبيق ذلك فعليا وأبقت على اعتراضها المرتاع
بس آ 
أوقفها قبل أن تكمل جملتها بسؤاله المعاتب
تاني هتعارضيني يا حبيبتي مش واثقة في قدراتي ولا إيه
بررت له أسباب ذعرها
أنا مقدرش أتوقع اللي ممكن يعمله إنت أكتر حد عارف شره ممكن يوصل لإيه 
تبسم في عنجهية مغترة قبل أن يداعب شحمة أذنها بإصبعه وهو يكلمها
إنتي ماتعرفنيش كويس وده يزعلني على فكرة!
انتصبت شعيرات يديها مع لمساته الرقيقة المداعبة فانتقل إلى المستوى الأعمق في استثارة مشاعرها مثلما يجيد ليستحثها على الاعتراف له فجأة وبشيء من الاندفاع
ممدوح تعرف أنا بدأت أحس فعلا إنتي متجوزة راجل بجد خاېف عليا 
شملته بنظرة شغوفة متعطشة للتمتع بالمزيد من هذا الشعور الرائع بالأمان والاحتواء واسترسلت بشجاعة
مش عاوزة أفوق من الأحلام الجميلة دي ألاقي الدنيا مهدودة فوق راسي أنا ممكن أنهار وأروح فيها 
ليأتيها بعدئذ صوتها الهادئ والمؤكد لما تتوق لسماعه
اطمني طول ما أنا جمبك مش هتشوفي غير كل حاجة حلوة 
أغمضت عينيها في راحة تاركة لنفسها الحرية الكاملة للتلذذ بهذا الإحساس النفيس وراحت تردد في رجاء منقطع النظير
يا ريت!
اجتمع كلاهما على مائدة طعام واحدة تبادلا فيها النظرات الكارهة والمشاعر النافرة ولم يحاول أيهما إخفاء ذلك الإحساس أو إنكاره حدق ممدوح بنظرات مطولة وحادة وبتعابيره المتجهمة في وجه الصغير الجالس على يمينه بعدما احتل مقعد رأس الطاولة كأنما يملك هذا البيت وجميع من فيه يخضع لإمرته استطرد متحدثا إليه في بغض ظاهر في نبرته قبل ملامحه
كأني شايف أبوك قصادي 
تضمنت جملته إهانة متوارية
ووصل مضمونها للصغير وما عزز من شعور النفور ما فاه به بتأفف
نفس سحنته وبصته!
احتقنت عينا أوس بوضوح وانعكس على تقاسيمه الضيق حدجه بنظرة ڼارية ناقمة فاشتاط منها ممدوح وحذره في غلظة رغم خفوت صوته
ماتبحلقش أوي كده 
ببراءة صريحة أخبره الصغير
أنا مابحبكش!!
التوى ثغره بشبح ابتسامة متهكمة قبل أن يجيء تعقيبه مغلفا بالإهانة
ولا أنا يا ابن مهاب!
شتت طوفان حرب النظرات المتبادلة بينهما عودة تهاني من المطبخ وهي تحمل في يديها أطباق الطعام الشهية رصتها في موضع كل فرد وقالت بتفاخر
بصوا بقى النهاردة أنا عاملة الأكل بإيدي يا رب يعجبكم 
نظرة ماكرة سددها ممدوح للصغير وهو يمتدح مجهودها المبذول
أي حاجة منك حلوة يا حبيبتي 
تحرجت للغاية من تصرفه المتجاوز وحذرته في ارتباك وهي تحاول التملص منه
ممدوح مايصحش كده 
لم يفلتها منه فاستمرت تضغط عليه بتوتر
أوس قاعد!
قصد النظر بعينين مليئتين بالتحدي إلى الصغير وقال في شيء من الاستفزاز
معقول هيغير مني عشان بعبر عن حبي ليكي!
اتجهت تهاني والحرج مستبد بها إلى جانب طفلها حاولت حثه على تناول الطعام بقولها الحاني
كل يا حبيبي خلص طبقك كله 
فقد الصغير شهيته جراء ما شاهدته وانتفض ناهضا في عصبية ليقول بوجوم شديد
مش جعان 
استاءت من تصرفه الطفولي وألحت عليه بتصميم
إنت مكالتش حاجة كده هزعل منك يا أوس!
نظر لها بغيظ وانطلق دافعا إياها بقدر من الخشونة ليتجاوزها تفاجأت من معاملته المتجافية معها ووبخته في صدمة مستهجنة
إنت هتسيبني وتمشي!
تجاهلها عن عمد فصاحت من ورائه تناديه بضيق أكبر
أوس!!!
تدخل ممدوح من تلقاء نفسه في شأنه هادرا به بخشونة أجبرته على التوقف والاستدارة
استنى هنا!
احتدت نظرة الصغير إليه فتابع زوج والدته تعنيفه المهدد
مش مامتك بتكلمك يبقى تقف وتسمعها وإلا هتشوف الو شالتاني!
اضطربت تهاني من صدامهما الأول وهتفت في قلق وجل
خلاص يا ممدوح مافيش داعي سيبه على راحته 
ثم وجهت حديثها إلى طفلها تأمره بلطافة غريبة
امشي يا حبيبي على أوضتك 
أبدى ممدوح انزعاجه من تراخيها الواضح في أسلوب تنشئتها له وعبر عن ذلك قائلا
دلعك ده هيبوظه الولاد عاوزين الشدة والحزم 
أخبرته بهدوء ما زال مشوبا بالقلق
أنا عارفة بس بالراحة شوية الوضع متغير عليه وهو أكيد مستغرب اللي حاصل اديله وقته وهو هيتعود صدقني 
زم فمه للحظة قبل أن يعلق
طالما إنتي شايفة كده 
كغيمة تكونت فجأة وانقشعت من السماء تبدلت أحوال ممدوح المزعوجة إلى أخرى مرتخية متأهبة فأخذ يغازلها بالمعسول من الكلام ليضمن تأثيره واستحواذه على كل ذرة تخصها
بس إيه الحلاوة دي أنا محظوظ بيكي يا حبيبتي 
ابتسمت في رقة حين ردت
أنا الأكتر ربنا يخليك ليا 
ترقرق كثيرا في ملاطفته لها حتى تبدد ما كان من توتر مشحون لتنسى بعد برهة شأن صغيرها وتتلهف بوجدانها لتذوق ذلك النعيم الزائف المقدم إليها !!
يتبع الفصل الخامس والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
ألن ينزاح الهم أبدا
لم ينجح في مغالبة شعوره بالضيق والذي ظل ملازما له منذ سفر رفيقه وبقائه في منزله كالضيف الغريب خاصة مع غموض موقفه تجاه استمرار هذه الزيجة والتي تخطت في مدتها ستة أشهر سرح ممدوح في أفكاره المزعوجة خاطب نفسه في شيء من التشاؤم المرادي طولت الغيبة أوي يا مهاب سبتني لابس في مصېبة وإنت عايش حياتك!
فرك طرف ذقنه وواصل ذلك الصوت الكلام في طيات رأسه بما بدا أشبه بالوعيد
مسيرك هترجع هتروح مني فين ما هو لازم يكون لليلة دي نهاية!
في خضم شروده المعتاد لم ينتبه ممدوح لقدوم زوجته لتجلس معه بدت بهية الطلة وهي ترتدي أفضل ما لديها من ثياب مغرية لتمنحه نفحة جديدة ومتجددة من السعادة المشوقة ونظرت إليه بشغف وهي تسأله
حبيبي سرحان في إيه
أجاب نافيا وهو يلصق بثغره هذه الابتسامة المتصنعة
مافيش يا قلبي 
زوت ما بين حاجبيها متسائلة بإصرار
هتخبي عليا برضوه مش احنا اتفقنا نكون صرحا مع بعض على طول
تعلل بحجة كاذبة لينجو فقط من حصارها المزعج له
يعني الدنيا مقفلة شوية معايا وأنا مش عارف أجيبلك بيت كويس نعيش فيه 
دون تفكير مسبق أخبرته بنزق وقد سحبت ذراعها لتمسك بكفه وتحتضنه بين راحتيها
أنا حالي ومالي ليك 
نظر لها باهتمام فقد غفل عن أنها أصبحت ميسورة الحال بعد تبدل وضعها الوظيفي واقترانها بسليل عائلة الجندي لسنوات حتما جيبها لن يكون خاليا من الأموال سرعان ما حول تحمسه الفجائي لامتعاض عابس وهو ينهرها كأنما قد استاء من تلميحها
الكلام ده مش عايز أسمعه منك!
استندت برأسها على كتفه وخللت أناملها بين أصابعه لتتشابك معا ثم رفعت يدها الأخرى الطليقة نحو عنقه لتداعبه برفق قبل أن تصر عليه بكلامها
يا حياتي أنا وإنت بقينا واحد وكل اللي معايا ليك ول أوس!
الإتيان على ذكر ذلك الصغير المغيظ له جعل دمائه تتحفز وينتابه شعور الغيرة والحقد تجاهه كان ممدوح متأكدا أن زوجته لن تبدي رفضها لأي مقترح يطرحه عليها خاصة بعدما تمكن منها وعرف كيف يستحوذ على وجدانها قبل عقلها فأصبحت معه كالمغيبة تساق كالبهائم إلى حيث يريد لهذا انتهز الفرصة ليقترح عليها إرسال طفلها إلى مدرسة داخلية متخصصة فقط في تنشئة وتعليم أبناء الطبقة الراقية حتى يتمكن تماما من الانفراد بها ونهب ما تملك بمكر وعلى راحته اندهشت لما فاه به وهتفت في اعتراض بعدما استعادت يديها
مدرسة داخلي أوس صغير أوي على كده بيتهيألي مالوش لازمة!
صمم على اقتراحه بجدية غريبة
صدقيني ده هيفيده ويعلمه الانضباط 
صمت أذنيها عن كلامه وهتفت تخبره بملامح متجهمة قبل أن تنهض من جواره
إزاي أوافق بده وأنا عملت كل حاجة صعب تتخيلها عشان أفضل جمبه!
كان جيدا في قراءة تعبيرات الوجه وعلم من قسماتها أن استمراره بالضغط عليها لن يؤتي بالنتائج المرجوة لهذا ادعى تراجعه عن الأمر وقال في دبلوماسية وقد نهض هو الآخر
ده مجرد رأي يا حبيبتي وإن كنت بفكر بالشكل ده فعشان تحطي في اعتبارك مستقبلك وماتفضليش كده متعطلة بسبب طفل صغير 
استدارت لتواجهه وهتفت بتحفز
اللي بتتكلم عنه ابني الوحيد 
وضعت كلتا يديه على منبتي ذراعيها مسدهما في رفق وقال باسما
يا حبيبتي ده هيروح أحسن مدرسة هتعلمه كل حاجة على أصولها ما إنتي بنفسك شايفة مغلبنا إزاي مع المربيات 
كان محقا في الجزئية الأخيرة من حديثه ف أوس لا يتوقف أبدا عن التشاجر مع المربيات ولا عن افتعال المشاكل معهن حتى يعتذرن عن العمل التقط ممدوح لحظة التردد التي سادت في تعابيرها وقال
في خبث ليقنعها
وبعدين مهاب ماعندوش مانع بكده 
سألته في دهشة كبيرة
إنت كلمته
تصنع الابتسام وأجابها في هدوء جاد
اقترحت الحكاية عليه وسط مواضيع تانية وكان رأيه زيي نعمل الأصلح ل أوس 
انعكس التردد على محياها ومع ذلك لم تعطه الرد القاطع وتكلمت بعد تنهيدة سريعة
طب سبني أفكر الأول وأدرس الموضوع 
اتسعت ابتسامته الماكرة أكثر وأبدى ترحيبه قائلا وهو لا يزال يجري بيديه صعودا وهبوطا على طول ذراعيها
خدي راحتك يا حياتي اللي يهمني في النهاية إنه يكون زيك أحسن حد 
تساءلت تهاني بعدئذ وهي تهم بالسير لتعود إلى حيث كانا يجلسان في الأول
هو مهاب مقالكش راجع امتى
مط فمه قليلا ثم جاوبها بعدما استقر مجاورا لها
ماظنش دلوقتي الباشا أبوه تعبان وهو موجود مكانه 
تنهدت في ارتياح شديد
قبل أن تعلق
ربنا يبعده عننا 
اكتفى بالابتسام فاستطردت مسترسلة في حديثها إليه
تعرف من يوم ما هو سافر واتجوزتك وأنا حاسة بنفسي بني آدمة حرة ليها مشاعر وكيان 
وأخبرها بلطافة وهذه النظرة الغامضة تبرق في حدقتيه
ولسه كمان لما أحلامك كلها تتحقق 
نظرت إليه 
إنتي بس اسمعي كلامي وهتعرفي إن معايا حق 
غادر منزله مرغما وليس بإرادة منه كان مجبرا على إطاعة الأوامر ولو قسرا تذمراته شكواه حتى احتجاجاته لم تلق أي صدى في الأخير تم استبعاده ليرسل إلى هذه المدرسة الداخلية وحيدا ومهموما عيناه الغائرتان في وجهه كانتا توحيان پغضب مكتوم خاصة أن والدته لم تصحبه ولم تودعه بدا الأمر من وجهة نظره وكأنه تم لفظه من موضع سكنه لتستمتع هي بحميميتها الزائدة مع زوجها السمج الدندنة المستفزة التي راح يرددها ممدوح في قدر من الهمس وهو يقود السيارة كانت تحقن دمائه وتجعله يبدو كأتون متقد على وشك الانفجار في أي لحظة  
طوال الطريق استمر ممدوح في النظر إليه عبر المرآة الأمامية بين الحين والآخر في تلذذ مغيظ قبل أن يردد على مسامعه كأنما يظهر له الشماتة
شوفت أنا بنفسي اللي جاي أوصلك 
تأمل هذا التعبير الحانق على وجه الصغير وتمتع أكثر برؤيته يعاني فزاد من استفزازه بقوله
مع إن أمك كان هيجرالها حاجة وتيجي بس عرفت أقنعها تفضل بعيد ما هي بقت
 

53  54  55 

انت في الصفحة 54 من 82 صفحات