يقول صاحب القصه لم أكن تجاوزت الثلاثين
انت في الصفحة 2 من صفحتين
ثقيلا على نفسي أكثر
أنجبت زوجتي بعده عمر وخالدا
مرت السنوات وكبر سالم وكبر أخواه
كنت لا أحب الجلوس في البيت دائما مع أصحابي
في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم
لم تيأس زوجتي من إصلاحي
كانت تدعو لي دائما بالهداية لم تغضب من تصرفاتي الطائشة
لكنها كانت تحزن كثيرا إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته
لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين
لم أكن أحس بمرور السنوات أيامي سواء عمل ونوم وطعام وسهر
في يوم جمعة
استيقظت الساعة الحادية عشر ظهرا
ما يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي كنت مدعوا إلى وليمة
لبست وتعطرت وهممت بالخروج
إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلا عشر سنوات مضت لم ألتفت إليه حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة
الټفت
قلت سالم ! لماذا تبكي !
حين سمع صوتي توقف عن البكاء فلما
وكأنه يقول الان أحسست بي أين أنت منذ عشر سنوات !
رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه
حاولت التلطف معه
مسحت دموعه بيدي
بدأ سالم يبين سبب بكائه وأنا أستمع إليه وأنتفض تدري ما السبب !!
تأخر عليه أخوه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد
ولأنها صلاة جمعة خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول
نادى عمر ونادى والدته ولكن لا مجيب فبكى أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين
قال نعم
نسيت أصحابي ونسيت الوليمة وقلت
سالم لا تحزن هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد
قال أكيد عمر لكنه يتأخر دائما
قلت لا بل أنا سأذهب بك
دهش سالم لم يصدق ظن أني أسخر منه استعبر ثم بكى
مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده
أردت أن أوصله بالسيارة رفض قائلا المسجد قريب أريد أن أخطو إلى المسجد إي والله قال لي ذلك
لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخۏف والندم
على ما فرطته طوال السنوات الماضية
كان المسجد مليئا بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول
استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا
كدت أن أتجاهل طلبه لكني جاملته خوفا من چرح مشاعره ناولته المصحف
طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف
أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة حتى وجدتها
أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة
وعيناه مغمضتان
يا الله !! إنه يحفظ سورة
الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي أمسكت مصحفا
أحسست برعشة في أوصالي قرأت وقرأت
دعوت الله أن يغفر لي ويهديني
لم أستطع الاحتمال فبدأت أبكي كالأطفال
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي تحول البكاء إلى نشيج وشهيق
إنه سالم !! ضممته إلى صدري
نظرت إليه قلت في نفسي لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى الڼار
عدنا إلى المنزل كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم
لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد
هجرت رفقاء السوء وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد
ذقت طعم الإيمان معهم
عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا
لم أفوت حلقة ذكر أو صلاة الوتر
ختمت القران عدة مرات في شهر
رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس
أحسست أني أكثر قربا من أسرتي
اختفت نظرات الخۏف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي
الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم
من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها
حمدت الله كثيرا على نعمه
ذات يوم