سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن كااملة
سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن كااملة
إلى الجيران في شرف منازلهم ثم صاحت بعلو صوتها
يلا يا شارع مفيهوش راجل
وأخذت تسب الناس وشقيق زوج ابنتها لا تخاف من أحد تعلم أن ليس هناك من يردعها عما تفعله فاستمرت في الصړاخ وضړب الباب بالحجارة بعد أن دلف شقيق زوجها
بقيت تهتف بألفاظ لا يوجد رجل يتفوه بها ووالدتها تقوم بمساعدتها على فعل ذلك تسب السيدة ليالي في
الداخل بعد أن دلفت من النافذة وأغلقتها خلفها
تركتهم في الخارج يفعلون ما يشاؤون وجلست على الأريكة تضع يدها على وجنتها تفكر بحالها
سيدة بهذا العمر وبعد كل هذه السنوات التي مرت في شقاء وتعب تأتي فتاة بعمر بناتها وأصغر تفعل بها هكذا في منتصف الشارع وتجعل الجزيرة بأكملها تتحدث عما فعلته معها ويتناقلون الألفاظ والكلمات التي نعتتها بها
هذه كانت مكافأة نهاية الخدمة لها!
رفعت بصرها إلى سقف الغرفة التي تجلس بها وتمتمت بهدوء وخفوت تخرج الكلمات من شفتيها دون ملامح
الإبن لا يعلم ما أثر دعوة كهذه تخرج من
قلب أم مفتور على حياتها الضائعة بينهم قلب ېحترق بالنيران الملتهبة لأجل ذالك العطاء الوفير والمستمر الذي يخرج منها إليهم دون أي مقابل فقط لأنهم أبنهائها وهي والدتهم
شعور بالضيق والحسړة أحتل كيانها وهي تجلس وحيدة تفقد أبنائها وكأنها لم تنجبهم من الأساس
ربنا يديك ويرضيك ويوقفلك ولاد الحلال يابني
هذه الدعوة أيضا لا تدري ما السر بها لتجعل السعادة تحل عليك من كل جانب وتأتي بالرزق الوفير والمستمر إنها دعوة من قلب أم بات مجبورا من ولدها ففتحت له أبواب السماء تستقبل دعوتها بصدر رحب لتكون دعوة واجبة التنفيذ
منذ أن أتت إلى هنا وهي تراه ذلك الحيوان الذي لا يرتضي أبدا يفعل ما يشاء وما يحلو له حتى ولو كان على حساب الجميع لا يهمه الأمر
ولكن أيعقل أنه يجرح ويداوي ېقتل ويحيي في الآونة الأخيرة تأقلمت بنسبة واحد بالمئة أنها أصبحت زوجته سجينة هذا القصر معه ومع عائلته بدأت ترى به أشياء لم تعتقد أنها به تكذب نفسها وتقول أن كل هذا خيال أو اعتقاد من رأسها الذي لا يكف عن التفكير
رأته وهو رجل حكيم بين أهل الجزيرة يحكم بالعدل حقا أهو هذا الرجل العادل بينهم أم القاټل الذي يعرض حياتهم للخطړ يالا التناقض والسخرية حقا لم تعد تعلم هو أي شخص بينهم
رأته يقترب من طفلتها بحب وحنان لا يليق به ولكنه حاول يتودد إليها بابتسامات وألعاب وطعام تحبه
يحاول أن يكون الأقرب إليها وهي ترى ذلك ترى ما الذي ينوي فعله هل يريد أن يجعل الطفلة تحبه هو وعائلته حتى إذا قت لها لا تكون تربيتها صعبة أو يريد أن يأخذها منها
في هذه الفترة الصغيرة جعلها بدلا من أن تناديه بعمي أن تقول بابا جبل ما الذي يريد أن يتوصل إليه هذا الجبل الصلب
تابعته بأعين لا تعلم أهو ذلك الحق أو الباطل يأتي بذكراها وجهه الشرس وهو يق تل دون رحمة وتناقضه ذكرى أخرى وهو يحكم بالعدل والحكمة أي شخص منهم هو الحقيقي هذا الجبل
يأخذ منها الهاتف منذ ذلك اليوم المشؤوم لا تستطيع أن تفعل أي شيء ويبدو أنها بدأت في التأقلم على الحياة هنا ولكن الحقيقة أنها حياة مريبة وتتسم بالغموض أثارت فضولها أكثر أن تبقى وتعلم الحقيقة خلف كل شيء يحدث ربما يحدث التغير على يدها كما قامت بتهديده
استمعت إلى صړخة طفلتها الفرحة وهي ترمي بالكرة بعيدا لتتخطى جبل الذي كان يلعب معها
كسبتك كسبتك يا بابا جبل
وقف متذمرا يشير إليها بحزم قائلا
لأ لأ أنتي كده بتغشي أنتي خليتي عاصم يرفعك وحدفتيها
عارضته وهي تقترب من عاصم تصيح قائلة بنبرة طفولية للغاية
لأ مش بغش أنا هخلي عاصم معايا في الفريق أنت طويل أوي وبتكسبني هو هيساعدني أكسبك
نظر إليها واحبطها عندما قال بجدية شديدة
عاصم مش هيوافق
أمسكت بيد عاصم ورفعت رأسها تنظر إليه نظرة طفولية بريئة تتودد إليه بها كالقطة وهتفت بصوت رقيق
لأ هيوافق إحنا صحاب مش كده
حملها عاصم فجأة بين يده يرفعها للأعلى قائلا بصوت عالي
آه طبعا صحاب وهرفعك علشان تكسبيه
ابتسمت الصغيرة تنظر إلى الآخر بسعادة قائلة
أهو يا بابا جبل
أمسك جبل بالكرة وأقترب قائلا بابتسامة
ماشي بس من غير غش
أومأت إليه برأسها
ماشي
ألقى الكرة مرة والأخرى وهي لا تستطيع أن تتابع رميته لها فصاحت بعصبية غاضبة منه
ايه ده أنت اللي بتغش كده
رآها جبل وأبصر نظرتها له مع صوتها الذي حاولت جعله غاضبا فلم يتمالك نفسه هو و عاصم يسألها بمرح
أنا عملت ايه بس
قالت
بتذمر وضيق
بترفع نفسك أوي وترمي الكرة
أجابها مبتسما
كل واحد وشطارته أنتي مش عارفه تصدي
اعترضت قائلة بانزعاج وهي تطلب من عاصم أن يتركها
لأ ده غش مش هلعب نزلني يا عاصم
تركها تهبط إلى الأرضية فأبتعدت عنهم ذهب جبل خلفها يناديها
استني بس غش ايه تعالي
لم تجيبه فأمسك بيدها وهبط إلى الأرضية ليكون في مستواها محاولا التحدث معها
استني هنتفق
وقف معها قليلا يتهامسون سويا يبدو أنه استطاع أن يجعلها تسعد أكثر من السابق ينسيها ما حدث منذ قليل عندما عانقته بقوة وابتسمت بسعادة
منذ لحظات و إسراء تقف جوار زينة في الشرفة تتابع ما كان يحدث تنظر إليهم بعيون تشع بالحب والشوق
عيناها تتابع ذلك الشاب فارع الطول الذي يبتلعها كلما وقفت أمامه مشاعرها تجاهه أصبحت متخبطة أكثر وأكثر ففي الآونة الأخيرة بدأت تفهم أشياء تحاول أن تكذبها بخصوص مشاعرها تجاهه
وجدته
ينظر إليها وقد كان هو الآخر يحاكيها بعينيه يهتف إليها بمنتهى الشوق واللوعة يقول متى اللقاء والاعتراف بالعشق المكنون داخل قلبيهما
سمائها أزهرت باللون الأزرق المخالط الأبيض ووجدت السحاب تتموج بها كموج البحر وعينيها الزرقاء تماثلها تتشابه معها تدق الطبول في القلب معبرة عن قدوم حياة أخرى جميلة ستنعم فيها بالغرام ولهفة الاشتياق
اطالت النظر إلى عينيه وهو بالمثل فنظرت إليها زينة باستغراب كلي ودهشة صاړخة بأن لا يحدث ما في رأسها
أعادت النظر إليه وإليها مرة بعد الأخرى ولم تفهم ما الذي يحدث بينهم تبتسم بهدوء وخجل وهو ينظر إليها بقوة غير خجل مما يفعله مغيبين عن الواقع تماما هم الاثنين
نغزتها في ذراعها فجأة تنظر إليها بعبث فصاحت الأخرى خجلة من شقيقتها قائلة بتوتر
سرحت
أردفت زينة بقوة وحزم قائلة
أبعدي عن أي حد هنا فاهمه ملكيش دعوة بحد يا إسراء لا في القصر ولا الجزيرة دي
أومأت إليها الأخرى برأسها بهدوء ثم تركتها ودلفت إلى الداخل
تابعت زينة جبل الذي يحمل ابنة شقيقه يتسامر معها في الحديث بهدوء وابتسامة وهي تماثله وعقلها مازال يعمل في كل إتجاه وطوال الوقت يفكر في كثير من الأمور إلى أن قاربت على الجنون
أرسلت السيدة ليالي مرسال إلى جبل العامري بما حدث بينها وبين زوجة ولدها ووالدتها فحدد موعد للجلوس في جلسة عرفية يحكم فيها بينهم بعد أن يقص عليه كل منهم ما حدث وقد حان وقتها
استمع إلى الطرفين والذي لم يتجرأ أحد منهم على الكذب فنظر إليهم بهدوء وجدية فأضافت السيدة ليالي
اللي خلاها تمشي يا جبل بيه وأنا طالعه سطح بيتي عديت على شقتها الباب كان مفتوح تو ما شافتني راحت قفلاه في وشي بآخر ما فيها كل اللي قولته أنا حسبي الله ونعم الوكيل العيب مش عليكي العيب على اللي قانيكي
أكملت بعد أن أزالت بوشاحها دمعة خائڼة هبطت على وجنتها
أنا قولت كده من غلبي يا جبل بيه من غلبي دي داري داري أنا ويتعمل فيا كده أنا اللي كبرت وعلمت وجوزت وفي الآخر يتعمل معايا كده من عيله
لم تتجرأ الأخرى على الكذب قالت كل ما فعلته منذ البداية هي ووالدتها فظهر كوضوح الشمس من الظالم ومن المظلوم
نظر إليها بجدية شديدة وأردف بحزم قائلا
امسحي دموعك يا حجة ليالي أنتي قولتي أنها دارك واللي هيقعد فيها اللي أنتي هتطلبيه أما دلوقتي كل واحد لازم يتحاسب
أشارت له بيدها ترفض حديثه بطيبة قلب قائلة
لا يا جبل بيه أنا مسامحة في حقي دي مهما كانت أم عيال ابني أنا مسامحة
سألها بعقلانية ونظرته نحوها حنونه مشعة بالحب لامرأة عجوز أكل من عمرها الشيب والسنوات
ايه اللي يرضيكي
أشارت بأصابع يدها الأربعة أن تبتعد عنها وهي تقول بحړقة
جوزها مسافر تمشي تقعد عند أهلها
أبعد بصرة إلى الأخرى قائلا بصرامة وقوة
قومي يا فتحية بوسي راس الحجة ليالي ووطي كمان على رجلها بوسيها
وقفت على قدميها وأقتربت منها على مضض ولكنها لا تجرأ على الاعتراض فهذا أمر من جبل العامري كادت أن تنخفض لتقبل قدمها ولكن الأخرى ابتعدت قائلة برفض
لا متبوسيش رجلي أبعدي
وقفت مستقيمة تود لو ټخنقها بيدها تراها تتمسكن أمام كبيرهم
نظر إلى والدتها وأشار إليها بقسۏة وهو يعلم أنها سيدة تأكل من يقابلها
قومي يا أم فتحية بوسي راس الحجة ليالي وحقوا نفسكم ليها
أردفت فتحية بجدية تنفذ أمره
حقك عليا يما أنا غلطانه
ومن خلفها والدتها الذي تحدثت ببغض قائلة
حقك عليا يا حجة ليالي مصارين البطن بتتعارك ياختي
تابعها جبل وتفوه بالكلمات بجدية تامة لا تسمح بعدها بالنقاش يملي عليها ما الذي ستفعله
جوزك النطع ده يدورلك على بيت بره تسكني فيه متقعديش عند اهلك معاكي مهلة يومين اتنين بس وعفشك يطلع من عند الحجة ليالي خلينا نشوف هيصرف عليكي وعلى ايجار البيت إزاي ولما يتعلم يحترم أمه يجيلي
تحولت ملامحها إلى أخرى منزعجة وقالت بضيق
بس يا جبل بيه أنت عارف البير وغطاه
صړخ بها بقسۏة وعڼف
يبقى كنتي تحترمي نفسك
نظر إلى والدها وشقيقيها الشابان هتف بغلظة وشدة مهددا إياهم
المرة دي أنا مش هعمل حاجه علشان خاطر الحجة
ليالي إنما المرة الجاية انتوا عارفين اللي هيحصل ربي مراتك وبنتك وإلا