الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رحلة الآثام بقلم منال سالم

رحلة الآثام بقلم منال سالم

انت في الصفحة 10 من 84 صفحات

موقع أيام نيوز


شيء لآخر قفزت في مكانها تطلب من أمها بحماس أنا عاوزة أنزل أشتري قماش جديد من عند بتاع المانيفاتورة عشان أفصله فستان عند الخياطة بس يكون حاجة كده ألاجة وآخر منجهة هزت رأسها معقبة عليها ماشي دي أمرها سهل السوق فيه كام تاجر معروفين ببضاعتهم الحلوة أحست بنفسها تملك سمة من سمات الأنثى المثالية فبدت مهتمة للغاية بالظهور في مظهر الكمال والجمال أشارت بإصبعها متابعة وهشوف جزمة حلوة من بتوع تهاني ألبسها بس يا ريت تيجي مقاسي اقترحت عليها أمها بجدية لو واسعة نحطلها فرشة وافقتها الرأي وقالت وهي تحاول تجسيد ما تتخيله بحركات عشوائية بكلتا يديها أيوه وكمان عايزة أعمل شعري وأفرده زي ما الممثلات بيعملوا ضحكت عقيلة من طريقتها الطريفة في الوصف بينما استمرت فردوس بالتحليق في خيالاتها الفسيحة كاتساع الفضاء بترديدها المتفاخر أنا مش هستخسر في نفسي حاجة نهائي ده يوم مايتعوضش زمت شفتيها هاتفة وماله ارتفع صوت إحداهن من المنور الخارجي مناديا بعجالة يا دوسة يا دوسة انزعجت عقيلة من هذا الصخب وتساءلت في تبرم ياختي مين بينادي كده اشرأبت ابنتها بعنقها لتنظر من فتحة الشباك الموجودة في المطبخ رأت جارتهما بالأسفل تلوح لها بيدها فأشارت لها لتكف عن النداء ثم خاطبت أمها دون أن تنظر تجاهها دي إجلال يامه على مضض طلبت منها والدتها وهي تجر المقعد القصير لتجلس عليه بعدما راحت عظام ساقيها تئن من كثرة الوقوف شوفيها عاوزة إيه طيب قالت كلمتها الموجزة وهي تفتح الشباك سائلة إياها بصوت حائر خير يا إجلال بتنادي كده ليه أجابت بإشارة من يدها ليكم جواب مع البوسطجي عند البقال استغربت مما قالت ورددت بحاجبين معقودين جواب هنا هب عقيلة واقفة وخرج من جوفها صيحة مليئة بالشوق يبقى أكيد من أختك غلبتها لهفتها إليها فصاحت تأمر ابنتها بحدة انزلي أوام هاتيه قبل الراجل ما يمشي تركت ما تفعله وقالت بوجه مال للوجوم على طول يامه تبعتها عقيلة بخطوات شبه بطيئة وهي تحادث نفسها في عتاب خاڤت أخيرا افتكرت إن ليها أم تسأل عليها صارت شاردة واجمة ترسم التعاسة علامتها على وجهها الحزين وهي تستحضر في ذاكرتها الأوقات الأخيرة التي جمعتها بابنتها قبل أن تقرر الرحيل والسفر وراء الأحلام المستحيلة مسحت عقيلة دمعة نافرة من طرفها وسحبت نفسا عميقا لتطفئ به لهيب شوقها إليها أثناء استماعها لما كتبته تهاني في مكتوبها الورقي إليها حررت أنفاسها المخټنقة لتتساءل من جديد يعني صحتها كويسة أخبرتها فردوس وهي تطوف بعينيها على الأسطر في تعجل أيوه يامه ما أنا قولتلك إنها كاتبة إنها بخير وأعدة في مكان حلو جاهدت لإخفاء عظمة لوعة اشتياقها لكنها لم تستطع فمشاعرها الأمومية طغت عليها سألتها بصوت شبه مخټنق هتنزل إمتى انتظرت لهنيهة قبل أن تجيب مش كاتبة لاحقتها بفيض أسئلتها تباعا طب بتاكل كويس ونومتها مرتاحة فيها ولا لأ وفي حد بيساعدها إن احتاجت حاجة ولا سايبنها كده وشغلها ودراستها ردت باقتضاب كله تمام يامه سئمت من إيجازها فهتفت بها بضيق يا بت اقريلي المكتوب تاني بالراحة خليني أفهم بدل ما أنا باخد الكلام منك بالقطارة أخبرتها بصوت محتج تاني يامه طب ما أنا بجاوب على اللي بتسأليني عليه نفخت عاليا وأمرتها بنبرة اخشوشنت نسبيا اقري بس ده هيتعبك في إيه حكت جبينها وقالت مستسلمة ماشي اسمعي يامه انتهت من إعادة قراءة ما جاء في رسالتها لتتضرع بعدها عقيلة بقلب واجل ولسان لاهج ربنا يردك بالسلامة يا تهاني ظلت فردوس تتطلع إليها بغير اهتمام ربما كانت تفتقد وجودها لكنها في نفس الآن تذكر كيف تصبح مهمشة في حضورها كأنها غير مرئية من الجميع إحساسها

بأنها أصبحت مطلوبة ومرغوبة عزز في نفسها مشاعر الغيرة والتنافس ودت فقط أن تختفي عن المشهد وألا تعود ريثما يتم زواجها فمن الأفضل أن تحصل على أي لقب غير أن يقال عنها المرأة العانس أحضرتها من تفكيرها المشحون نبرة والدتها المتسائلة هي مش حاطة رقم تليفون نطلبها عليه من السنترال قلبت المظروف على جانبيه قبل أن يأتيها جوابها حاسما لأ مش مكتوب ساد التجهم على تعابير أمها وقالت بصوت مال للانكسار جايز تكلمنا من نفسها بفتور غير مبال أخبرتها وهي تطوي الرسالة بمغلفها معا أيوه على حسب فهمها لطبيعة شخصية شقيقتها كانت متأكدة أنها لن تفعل ذلك إلا أن انتقص عليها شيء حينها فقط ستكلف نفسها العناء وتخاطب أمها لتطلب المساعدة والأخيرة لن تفكر مرتين لإعطائها ما تريد فهي المفضلة دوما لديها أما هي فتأتي في المرتبة الثانية في كل شيء اتأخرتي ليه ده أنا مستنياكي من بدري صاحت ابتهال بهذه العبارة وهي تقف عند عتبة باب المسكن لاستقبال شريكتها كأنما تقوم بدور ولي أمرها خاصة بعدما رأتها تترجل من هذه السيارة الفارهة وأحدهم يخاطبها بألفة غريبة لم تكن لتترك الأمر يمضي هكذا دون أن تشبع توقها لمعرفة أدق التفاصيل لكنها لم تنطق بشيء مبدية بوجهها ضيقا واضحا لملاحقتها السمجة تجاهلتها تهاني عن قصد وولجت للداخل نازعة عنها حذاء قدميها فتبعتها الأولى تتأملها بفضول وهي تهتف من ورائها يا تهاني أنا بكلمك إيه اللي آخرك برا نبرتها الحادة أزعجتها للغاية فقالت بوجوم بطلي دوشة عاوزة أرتاح ثم استلقت على الأريكة في استرخاء وراحت تتنهد مليا بعدما حلت شعرها وتركته ينساب بتحرر على كتفها شردت مبتسمة محاولة فصل عقلها عن الواقع الحالي لتسبح في لقاء الأحلام الذي كانت جزءا منه قبل قليل لفت خصلة من شعرها حول إصبعها وراحت تعبث بها في نفس الملامح المستكينة الناعمة ونظرات ابتهال الفضولية تشملها إلى أن استحثها تطفلها السمج على اقټحام خصوصيتها والإلحاح عليها بأسئلتها إنتي شكلك مبسوط وآخر روقان أومال مين اللي وصلك ده حد نعرفه نظرت لها باستعلاء قبل أن ترد في صيغة متسائلة وإنتي هتعرفي ولاد ناس منين شعرت بقدر من الضيق لإھانتها المتوارية وردت عليها كطلقة سهم مصوبة في صدر أحدهم هو أنا جاية من الشارع ده أنا تخصص حشرات والأولى عن دفعتي والكل ما بيصدق يشوفني عشان يكلمني وآ قاطعتها رافعة يدها لها لتكف عن الثرثرة الفارغة خلاص مش عاوزة أسمع حاجة زفرت بتكاسل ونهضت من مكانها متجهة إلى الحمام ومع ذلك لم تتركها ابتهال لحالها تبعتها كظلها وهي تسترسل لأ بس العربية فخمة الصراحة تجيلها بكام دي كعادتها حين لا تتوقف عن الكلام تسد تهاني أذنيها عنها وتقوم بما تفعله في صمت تام حيث فرغت من غسل وجهها وكفيها وخرجت من الحمام معها منشفتها لتذهب إلى غرفتها وصوتها اللحوح يلاحقها أبقت على برودها معها واستمرت توضب ثيابها وتجمع ما يحتاج للغسيل جانبا لتعلمها في النهاية اعملي حسابك أنا مش رايحة معاكي بكرة تقطب جبين ابتهال باستغراب آخذ في التزايد وسألتها وهي تبدو مندهشة بشدة ليه أدوكي أجازة ظهر الغرور على محياها حين أجابتها لأ في عربية مخصوص هتوديني وتجيبني من المستشفى شهقت في ذهول قبل أن تهلل إيه ده عربية مخصوص سيدي على الدلع كله ثم التصقت بها كالبق طالبة منها بسخافة طب ما تاخدي أختك حبيبتك معاكي بدل العطلة والدوخة اللي ببقى عليها كل يوم وفي الآخر الواحد يروح مأريف ويرجع مفرهد نظرت لها بنفور قبل أن تدفعها بعيدا عنها لتزيح الغطاء عن جانب الفراش أشارت لها بيدها قائلة وهي تستعد للتمدد عليه أنا عاوزة أنام ممكن تطلعي برا بقيت مجاورة لها تسألها بتحير مش هنجيب أكل ده أنا واقعة من الجوع تثاءبت وهي ترد اطلبي إنتي لواحدك رفضت ابتهال الذهاب قبل أن تخبرها كذلك بما فكرت فيه باكر طب بقولك إيه في حاجات كتير ناقصة عاوزة أشتريها هتنفعنا وآ قاطعتها بعدم اهتمام بعدين أنا مش فايقة اقفلي الباب وراكي بالكاد انزاحت من غرفتها لتغمغم في صوت مسموع ومصحوب تنهيدة طامعة اوعدنا يا رب بمعارف تقال زي اللي بتعرفهم تهاني يا رب رفعت الأخيرة رأسها عن الوسادة لتتطلع إلى أثرها بعدما غادرت غرفتها ساد على وجهها تكشيرة نافرة منها وهي تنهض سريعا لتغلق الباب في التو قبل أن تفكر في العودة وتزيد من إزعاجها بأسلوبها غير المستلذ استندت بيدها على الإطار الخشبي وابتسامة ناعمة تشق طريقها إلى شفتيها مع تذكرها لمدى الراحة التي كانت عليها وهي بصحبة ذلك الجراح كان لطيفا معها للغاية ودودا لدرجة أبهرتها وجعلتها تتمنى أن تكون وثيقة الصلة به لكن نغص عليها صفو لحظاتها المميزة النظرات الغريبة المتبادلة مع رفيقه ورغم ذلك لن تنكر أنها انجذبت إلى أسلوبه المثير في تحفيز من حوله احتارت وتحيرت وتخربطت أفكارها فلم تجهد عقلها بالمزيد من التفكير التحليلي واكتفت بالاستمتاع بما عاشته كأميرة مدللة لهذا اليوم عادت إلى سريرها تتبختر في مشيتها وهي تدندن بخفوت وآمالها العظيمة قد طارت محلقة في الأفق البعيد بكرة يا دنيا نلف الدنيا الفصل الخامس مكر الثعالب تراصت المقاعد الخشبية المستأجرة بمحاذاة الحيز الشاغر في صالة المنزل بعدما تم إزاحة معظم الأثاث ليكون ملائما لاستقبال الضيوف في هذه الليلة المميزة كما تولى أحدهم تعليق الزينات والأنوار البراقة وأضاف آخر حاملا من الورد وضعه بين الأريكتين المخصصتين لجلوس العروسين في منتصف الحضور أشرفت عقيلة على غالبية من تطوع للمساعدة في إنجاز ما ينقص وتولت بنفسها تجهيز قوالب الحلوى وتحضير الشربات والعصائر الطازجة في حين قامت شقيقتها أفكار بتقطيع الفواكه وحشو الشطائر بقطع الجبن واللحم لتوزيعها على المدعوين بينما جلست فردوس بداخل الغرفة لتقوم جارتها إجلال بمعاونتها في تزيين وجهها بمساحيق التجميل توافد المدعوون بعد صلاة العشاء تباعا وقامت إحداهن برفع صوت المذياع على أغاني الأفراح الطربية مع إطلاقها لعدة زغاريد مبتهجة كنوع من الاستعداد لاستقبال عائلة العريس فقد كانت والدته في المقدمة واضعة ابتسامة متكلفة على محياها بدت وكأنها غير راضية عن هذه الخطبة استقبلتها عقيلة بترحيب حار وأجلستها على الأريكة المجاورة للعروسين ثم صافحت العريس وشقيقه الأكبر وأشارت لإحدى الفتيات بإبلاغ العروس بوصول خطيبها تعالت أصوات الزغاريد الفرحة المصحوبة ببعض التصفيقات ليتزاحم الحضور بعد بضعة دقائق انتظارا لخروج العروس من الداخل تحرك شفيق من مكانه ليجلس مجاورا للعريس مال عليه وهمس له بشيء من الغل ملاقتش إلا دي يا بدري ضغط على شفتيه للحظة ثم أخبره بعد زفرة سريعة على أد ظروفي خاطبه پحقد يملأ صدره
 

10  11 

انت في الصفحة 10 من 84 صفحات