رحلة الآثام بقلم منال سالم
رحلة الآثام بقلم منال سالم
شيء لآخر قفزت في مكانها تطلب من أمها بحماس أنا عاوزة أنزل أشتري قماش جديد من عند بتاع المانيفاتورة عشان أفصله فستان عند الخياطة بس يكون حاجة كده ألاجة وآخر منجهة هزت رأسها معقبة عليها ماشي دي أمرها سهل السوق فيه كام تاجر معروفين ببضاعتهم الحلوة أحست بنفسها تملك سمة من سمات الأنثى المثالية فبدت مهتمة للغاية بالظهور في مظهر الكمال والجمال أشارت بإصبعها متابعة وهشوف جزمة حلوة من بتوع تهاني ألبسها بس يا ريت تيجي مقاسي اقترحت عليها أمها بجدية لو واسعة نحطلها فرشة وافقتها الرأي وقالت وهي تحاول تجسيد ما تتخيله بحركات عشوائية بكلتا يديها أيوه وكمان عايزة أعمل شعري وأفرده زي ما الممثلات بيعملوا ضحكت عقيلة من طريقتها الطريفة في الوصف بينما استمرت فردوس بالتحليق في خيالاتها الفسيحة كاتساع الفضاء بترديدها المتفاخر أنا مش هستخسر في نفسي حاجة نهائي ده يوم مايتعوضش زمت شفتيها هاتفة وماله ارتفع صوت إحداهن من المنور الخارجي مناديا بعجالة يا دوسة يا دوسة انزعجت عقيلة من هذا الصخب وتساءلت في تبرم ياختي مين بينادي كده اشرأبت ابنتها بعنقها لتنظر من فتحة الشباك الموجودة في المطبخ رأت جارتهما بالأسفل تلوح لها بيدها فأشارت لها لتكف عن النداء ثم خاطبت أمها دون أن تنظر تجاهها دي إجلال يامه على مضض طلبت منها والدتها وهي تجر المقعد القصير لتجلس عليه بعدما راحت عظام ساقيها تئن من كثرة الوقوف شوفيها عاوزة إيه طيب قالت كلمتها الموجزة وهي تفتح الشباك سائلة إياها بصوت حائر خير يا إجلال بتنادي كده ليه أجابت بإشارة من يدها ليكم جواب مع البوسطجي عند البقال استغربت مما قالت ورددت بحاجبين معقودين جواب هنا هب عقيلة واقفة وخرج من جوفها صيحة مليئة بالشوق يبقى أكيد من أختك غلبتها لهفتها إليها فصاحت تأمر ابنتها بحدة انزلي أوام هاتيه قبل الراجل ما يمشي تركت ما تفعله وقالت بوجه مال للوجوم على طول يامه تبعتها عقيلة بخطوات شبه بطيئة وهي تحادث نفسها في عتاب خاڤت أخيرا افتكرت إن ليها أم تسأل عليها صارت شاردة واجمة ترسم التعاسة علامتها على وجهها الحزين وهي تستحضر في ذاكرتها الأوقات الأخيرة التي جمعتها بابنتها قبل أن تقرر الرحيل والسفر وراء الأحلام المستحيلة مسحت عقيلة دمعة نافرة من طرفها وسحبت نفسا عميقا لتطفئ به لهيب شوقها إليها أثناء استماعها لما كتبته تهاني في مكتوبها الورقي إليها حررت أنفاسها المخټنقة لتتساءل من جديد يعني صحتها كويسة أخبرتها فردوس وهي تطوف بعينيها على الأسطر في تعجل أيوه يامه ما أنا قولتلك إنها كاتبة إنها بخير وأعدة في مكان حلو جاهدت لإخفاء عظمة لوعة اشتياقها لكنها لم تستطع فمشاعرها الأمومية طغت عليها سألتها بصوت شبه مخټنق هتنزل إمتى انتظرت لهنيهة قبل أن تجيب مش كاتبة لاحقتها بفيض أسئلتها تباعا طب بتاكل كويس ونومتها مرتاحة فيها ولا لأ وفي حد بيساعدها إن احتاجت حاجة ولا سايبنها كده وشغلها ودراستها ردت باقتضاب كله تمام يامه سئمت من إيجازها فهتفت بها بضيق يا بت اقريلي المكتوب تاني بالراحة خليني أفهم بدل ما أنا باخد الكلام منك بالقطارة أخبرتها بصوت محتج تاني يامه طب ما أنا بجاوب على اللي بتسأليني عليه نفخت عاليا وأمرتها بنبرة اخشوشنت نسبيا اقري بس ده هيتعبك في إيه حكت جبينها وقالت مستسلمة ماشي اسمعي يامه انتهت من إعادة قراءة ما جاء في رسالتها لتتضرع بعدها عقيلة بقلب واجل ولسان لاهج ربنا يردك بالسلامة يا تهاني ظلت فردوس تتطلع إليها بغير اهتمام ربما كانت تفتقد وجودها لكنها في نفس الآن تذكر كيف تصبح مهمشة في حضورها كأنها غير مرئية من الجميع إحساسها