رحلة الآثام بقلم منال سالم
رحلة الآثام بقلم منال سالم
عقول الرجال ويجعلهم يتلهفون شوقا على الارتباط بها ومع ذلك امتلكت سمات أخرى محمودة في الزوجة من كونها مدبرة جيدة تجيد الطهي والتنظيف ولينة سهلة التشكيل طوع بنان من يملك زمام أمرها لهذا لجأت للمتعارف عليه من الطرق التقليدية لعل وعسى تجد الزوج المناسب لها في الأخير وإن كان فقيرا معدما لن تمانع مطلقا أو تضع العقبات لتزويجها ستفعل المستحيل لتراها مستقرة مع أحدهم اصطحبت عقيلة ابنتها معها لزيارة شقيقتها القاطنة على مسافة قريبة من مسكنها فاستقبلتهما الأخيرة بترحاب حار وودود جعل اللقاء بها ممتعا جلست الشقيقتان متجاورتان على مصطبة قديمة مجاورة للشرفة تضحكان في ألفة ومحبة عاتبت أفكار شقيقتها الصغرى بنظرة حانية وهي تشير إلى ما أحضرته معها مما لذ وطاب مكانش ليه لازمة التعب ده هو أنا غريبة أبدت اعتذارها منها بلطافة وهي تربت على فخذها برفق ده أنا مقصرة معاكي ياختي أديلي زمن ما شوفتكيش ثم أعطت ابنتها أمرا واضحا قومي علقي على الشاي يا دوسة مسحت الأخيرة على جانبي الثوب الذي ترتديه لتفرده وهي تنهض وقالت مبتسمة حاضر يامه استطاعت الانفراد بشقيقتها بعد أن صرفتها لئلا تساورها الشكوك وهي تستفيض في الحديث معها استهلت عقيلة كلامها متسائلة بشكل روتيني وإنتي إزاي صحتك دلوقتي أجابت باسمة في رضا في نعمة والحمدلله كان التعليق التالي منها مصحوبا ببسمة مماثلة يستاهل الحمد تولت أفكار دفة الحديث مجددا فمال ناحية شقيقتها تسألها باهتمام مافيش جديد عن بنتك تهاني هزت رأسها نافية وهي تجيبها لا لسه أدينا مستنين منها مكالمة ولا جواب تطمنا بيه على أحوالها عاتبتها وهي مقطبة الجبين مكانش لازم تسبيها يا أم تهاني السفر للبنات مش حلو ثم خفضت من نبرتها خاتمة جملها بتحذير أصاب قلبها بارتجافة متوجسة وإنتي أدرى الناس باللي بيحصل ولو غاب الرقيب ردت برجاء إن شاءالله ما يحصلش حاجة أنا اللي مطمني إن العلم واكل دماغها أخفت عقيلة قلقها الذي انبثق بداخلها لتنظر إلى ابنتها عندما عادت وهي تحمل صينية بها أكواب الشاي تكملت الأخيرة باسمة وهي تناول الكوب الزجاجي لخالتها الشاي أهوو يا خالتي ثم أعطت والدتها خاصتها وتابعت مشيرة بيدها الأخرى الطليقة كأنما تشرح لها وابور الجاز عاوز يتصلح مرضاش يولع خالص ارتسم العبوس على وجه أفكار وهي تفسر لها سبب عطله ده بقاله يومين على الحال ده عاوزة أشوف حد يبص عليه ده إيدي ورجلي هنا لأحسن مبقدرش أقف على البوتجاز كتير من تلقاء نفسها اقترحت عقيلة نوديه عند أبو منسي هو أجدع واحد يسلك بوابير الجاز استحسنت شقيقتها الفكرة وعاودت النظر إلى فردوس عندما وجهت أمها إليها الحديث بصيغة شبه آمرة ابقي جهزيه يا دوسة ناخده معانا واحنا نازلين أبدت طاعتها المعتادة عندما ردت حاضر يامه دعت لها خالتها وهي تبتسم لها نتعبلك كده نهار فرحتنا بيكي يا غالية تورد وجهها من الخجل وقالت وهي تجلس في الخلف على الكرسي الخشبي تسلميلي يا خالتي تسامر بعد ذلك ثلاثتهن في مواضيع شتى دارت غالبيتها حول مشاكل الجيران وأهالي المنطقة أخرجهن من التفاصيل المتشعبة صوت قرع الجرس وقتئذ انتصبت أفكار في جلستها فقد سعت بجهد جهيد للتحايل على الظروف المعاندة من أجل خلق فرصة مناسبة لابنة شقيقتها فإذ ربما يحدث المراد وتلقى القبول من أحد الأغراب في التو فردت كتفيها قائلة بلهجة ودية لكنها آمرة قومي شوفي مين على الباب يا دوسة امتثلت لطلبها قائلة وهي تنهض من موضعها حاضر يا خالتي استدارت ولم تلحظ النظرات المعقودة على آمال كبيرة تجاهها وهي تتعلق بظهرها أثناء ذهابها بعيدا عنهما سارت فردوس بتعجل نحو الباب لتفتحه فتفاجأت بوجود أحدهم يسد عليها الفراغ له طول فاره وبشرة وجه سمراء وشعر قصير فاحم مموج يرتدي قميصا مخططا يجمع بين درجات اللون الأزرق على بنطال من الجينز انفرجت شفتاها عن دهشة متعجبة سرعان ما تنبهت لكونها قد أطالت التحديق فيه عندما بادر ملقيا التحية سلام عليكم أطرقت رأسها حرجا وهي ترد وعليكم السلام سألها متحاشيا النظر تجاهها الحاجة أفكار موجودة لم تتمكن من الإجابة عليه حيث أسمعته خالتها صوتها وهي تخبره من الداخل تعالى يا بدري أنا هنا عندئذ تنحت للجانب لتسمح له بالمرور فرأته ممسكا بحقيبة معدنية في يده خفض بدري من صوته مرددا يا رب يا ساتر تقدم ناحية صاحبة البيت التي أتت إليه هاتفا بنوع من الاحترام إزيك يا حاجة قالت وهي تقترب منه بتعابير بشوشة في نعمة والحمدلله مواعيدك مظبوطة يا بدري ضحك معلقا بعدها في مرح إنتي عارفاني مقدرش أتأخر عليكي ربتت على جانب ذراعه تشكره تعيش يا ابني سأله مستفسرا وهو يرفع يده الحرة ليضعها على مؤخرة عنقه كلزمة تلقائية إيه المشكلة أخبرته بقليل من التجهم الحنفية عمالة تنقط ومش عارفة إن كانت عاوزة چلدة جديدة ولا آ قاطعها قبل أن تتم جملتها بعد أن استنبط طبيعة مشكلتها أنا هشوفهالك تهللت أساريرها للأمر وقالت بنظرة غامضة مخاطبة ابنة شقيقتها روحي معاه يا فردوس قفزت الأخيرة في مكانها مشدوهة للطلب غير المتوقع منها فبرقت عيناها تجاهها وظلت على حالتها المصډومة وهي تتابع أوامرها لها وخليكي على إيده لحد ما يخلص ماتسبيهوش وشوفي طلباته لأحسن ركبي شادة عليا ومش قادرة أقف على حيلي لعقت شفتيها الجافتين ورددت في صوت مهتز حاضر يا خالتي سارت في إثره بخطوات متعثرة تدل على ارتباكها فلم تختل مطلقا بأحد الغرباء عنها دون وجود أمها إلى جوارها لكن بداخلها استشعرت ترتيبا خفيا يتم من أجلها ويا ليته يأتي بنتيجة مرجوة غابت عقيلة عن المشهد متعمدة لئلا تسبب الحرج لابنتها لكنها استرقت السمع من موضعها رفعت كفيها للسماء وراح لسانها يدعو في رجاء شديد ربنا يجعل في وشك القبول المرادي انضمت إليها شقيقتها وهي تختم دعائها فقالت هي الأخرى يا رب ياختي عم الوجوم على ملامح عقيلة فاستطردت في نبرة مهمومة البت دي بختها قليل